في ذلك اليوم المشئوم قدت سيارتي وأنا تحت تأثير المخدرات، ورغم حرصي
الشديد على عدم التعاطي في الشارع إلا
إنني لا اعرف حتى هذه اللحظة السبب الذي دفعني إلى تعاطيها والخروج إلى
الشارع.
وبعد أن تسكعت قليلا اتجهت إلى مبنى الجامعة علني أشاهد صديقتي التي تركتني
بعد أن علمت بأمري.
فشاهدت فتاة جميلة للغاية تسير وحدها متجهة صوب سيارتها، وما أن استدرت
بسيارتي حتى تحركت سيارتها،
فلحقت بها وعندما شعرت بي زادت من سرعتها للتخلص مني، واستمرت المطردة
الجنونية إلى أن فقدت الفتاة التحكم بسيارتها فانحرفت يمينا وانقلبت عدة مرات.
ومن شدة خوفي هربت قبل أن يلتقط احد رقم سيارتي حيث توجهت إلى المنزل بعد
أن أخفيت سيارتي بالداخل،
وفي اليوم التالي توجهت إلى موقع الحادث فشاهدت السيارة محطمة وعندما نظرت
بداخلها بدافع الفضول شاهدت الدماء على
المقعد فأيقنت أنها قد أصيبت بسببي، فانتابني شعور بتأنيب الضمير ودعوت أن
تكون إصابتها بسيطة،وعدت إلى البيت
وجلست في غرفتي حائرا حزينا مرتبكا، وحاول أصدقائي دعوتي إلى العديد من
الحفلات المختلطة
لكنني رفضت وفضلت البقاء في المنزل، وقمت بالتخلص من المخدرات وقررت
الإقلاع عنها نهائيا، وبعد عدة أيام
توصلت إلى اسمها من خلال رقم سيارتها وتوجهت إلى أكثر من مستشفى في
محاولة للاطمئنان عليها عن بعد، حتى
لا أقع في يد العدالة، وتوصلت إلى مكان وجودها فذهبت إلى المستشفى ودخلت
الجناح وترددت في أن أسال الممرضات عن حالتها فخرجت مسرعا.. لكنني وفي
اليوم التالي قررت الذهاب إليها حتى لو كلفني ذلك مستقبلي، وبعد أن أيقنت أنها
وحدها في الغرفة
طرقت الباب فقالت لي ادخل، فدخلت منتويا الاعتراف لها بخطيئتي. لكنني أصبت
بصدمة عندما دخلت
وعلى الفور سألتني عن حالتها معتقدة أنني طبيب، فقلت في نفسي أي طبيب هذا
الذي
لا يرتدي الملابس الطبية، فعادت وكررت سؤالها قائلة:'ابلغني بالصراحة يا دكتور
فانا مؤمنة بمصيري المؤلم'.
وكدت اسقط من الأرض عندما علمت أنها فقدت نظرها بالكامل، بعد أن اصطدم
رأسها بالزجاج الأمامي وحطمه، فهربت مسرعا إلى الخارج وسط دهشة
الممرضات.
ولم أذق طعم النوم عدة أيام وكدت أقدم على الانتحار، فنحل جسدي واصفر وجهي
وأصبحت محط حديث
أسرتي حيث حاول والدي وكذلك والدتي معرفة ما جرى لي دون جدوى، إلى أن
فصلت من العمل وفي الحقيقة لم اكن بحاجة إلى العمل لان والدي رجل ثري يملك
العقارات والشركات و الأسهم.
وبقيت أراقب علاجها وتنقلها من مستشفى إلى مستشفى حتى أنها وعندما سافرت
إلى الخارج لحقت بها
وركبت معها ومع أسرتها في الطائرة نفسها وقطنت معهم في الفندق نفسه.
وذات يوم جلست مع والدها في قهوة الفندق..فشرح لي معاناة ابنته وكيف أن احد
أبناء الحرام حطم مستقبلها
وافقدها بصرها، فقلت في نفسي ياليتك تعلم من أنا، وإذا قلت لك من أنا فماذا
ستفعل؟.وقد شعرت انه يمر بضائقة مالية
بعد أن دفع كل ما يملك على أن أمل إعادة النور إلى عينيها رغم أن الأمل كان شبه
مستحيل، فقلت له بأنني
سائح و بامكاني مساعدته ماليا، فرفض مؤكدا أن الديون قد تكالبت عليه من كل اتجاه
ولم يعد بالا مكان زيادة
ديونه وآلامه، فقلت له إنني املك مالا و بأمكاني منحه له، فإذا به يقف مرتعدا
وينظرا إلي نظرة غضب، ثم أدار ظهره إلي وغادر المكان.
فشعرت أنني عقدت الأمور أكثر، فانتظرته في اليوم التالي وأبلغته اعتذاري، ثم
رافقته إلى المستشفى
وجلست أمامه وقلبي يخفق وكاد يخترق صدري، وعرفني عليها وتحدثنا معا لأكثر
من ساعة ثم غادرت المستشفى،وتكررت الزيارات مع والدها، ثم وحدي إلى أن
توطدت العلاقة بيننا.
وفي يوم العملية توجهت إلى المستشفى مبكرا, وجلست بقربها لرفع معنوياتها بعد أن
أكد الطبيب أن هناك أملاًََ
في إعادة البصر إلى عين واحدة، وقد أصبت بمشاعر متضاربة وهي التمني بأن
يزيل الله عنها هذه الكربة وتعود إلى حياتها الطبيعية والى مقاعد الدراسة رغم
الخوف من انكشاف أمري.
وعندما دخل والدها وشاهدني ابكي بصمت وقف مذهولا، وكأن لسان حاله يقول ما
الذي يجعل
هذا الرجل يبكي بحرقة على مأساة غيره، وجلس بالقرب مني بعد أن مسحت
دموعي.
واستمرت العملية عدة ساعات إلى أن خرج لنا الطبيب ليبلغنا انه انهي العملية
وسيزيل القماش عن
عينها في اليوم التالي، وان حدث وعاد لها جزء من البصر فستستعين بالعدسات
للرؤية.
وفي اليوم التالي كنت ووالدها ننتظر الفرج بفارغ الصبر إلى أن خرج الطبيب،
وأبلغنا بنجاح العملية وعودة الرؤية
لبصرها جزئيا، فبكى والدها وانطلق إلى الغرفة واحتضنها. أما أنا فوقفت خارج
الغرفة خائفا مرتعبا
مشدوها، وتمنيت لو انسلخ وجهي عني حتى لا تعرفني، وبعد عشر دقائق خرج لي
والدها وابلغني أنها تريد
رؤيتي وشكري، فتخيلت أنها ستصرخ في وجهي وتوجه إلي اللوم وقلت في نفسي
فليحدث ما يحدث، ودخلت والحمد لله
أنها لم تعرفني، وجلست معها عدة دقائق لأنها كانت متعبه وخرجت، وتكررت
الزيارات إلى أن حان موعد سفرها، فدفعت جزءا من فواتير المستشفى رغم
اعتراض والدها وعدت معهما في نفس الطائرة.
ومن ذلك اليوم وأنا أقابلها كلما سنحت الفرص، ورغم اعتراض أهلي إلا أنني
أصررت على
الزواج منها، وبالفعل تزوجتها وأنجبت منها أربعة أطفال. وحتى هذا اليوم لا تعرف
أنني
السبب في الحادث، أو أنني كنت مدمنا على المخدرات..
ارجو ان تنال اعجابــــــــــــكم
منقول
تحياتي لكم